خطبة الجمعة القادمة ، للدكتور خالد بدير : الجار مفهومه وحقوقه
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الجار مفهومه وحقوقه ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 23 ذو الحجة 1443هـ، الموافق 22 يوليو 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 يوليو 2022م ، للدكتور خالد بدير : الجار مفهومه وحقوقه :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 يوليو 2022م ، للدكتور خالد بدير: الجار مفهومه وحقوقه، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 يوليو 2022م ، للدكتور خالد بدير : الجار مفهومه وحقوقه ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 22 يوليو 2022م ، للدكتور خالد بدير : الجار مفهومه وحقوقه : كما يلي:
أولًا: مفهومُ الجارِ
ثانيًا: حقوقُ الجارِ
ثالثًا: الإحسانُ إلى الجارِ طريقٌ إلى الجنةِ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 22 يوليو 2022م ، للدكتور خالد بدير: الجار مفهومه وحقوقه : كما يلي:
خطبة بعنوان: الجارُ مفهومُهُ وحقوقُهُ بتاريخ: 23 ذو الحجة 1443هـ – 22 يوليو 2022م
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليه وسلم. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولًا: مفهومُ الجارِ
لقد اهتمَّ الإسلامُ بالجارِ وحقوقِهِ اهتمامًا كبيرًا، وقبلَ الكلامِ عن حقِّ الجارِ لا بدَّ أنْ نعرفَ حدَّ الجيرةِ.
قيلَ في ذلكَ: “مَنْ صلَّى معَكَ الصبحَ في المسجِدِ، فهوَ جارٌ لكَ”. وعنْ علِيٍّ رضِيَ اللهُ عنْهُ قالَ: “مَنْ سمِعَ النداءَ، فهُوَ جارٌ”. (فتح الباري). وعنْ الحسَنِ والأوزاعِي: أنَّ حدَّ الجوارِ أربعونَ دارًا مِن كلِّ ناحيةٍ.
وقَدْ توسَّعَ البعْضُ في حدِّ الجوارِ، فجعَل َكلَّ مَنْ ساكَنَ رجلاً في حَيٍّ أوْ فِي مدينَةٍ فهو جارٌ، واستدلُوا بقولِهِ تعالى: { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا }. [الأحزاب: 60]، فجعلَ اللهُ تعالى اجتماعَهُم في المدينةِ جوارًا .
والإحسانُ إلى الجيرانِ يشملُ الجارَ القريبَ والغريبَ، والمسلمَ وغيرَ المسلمِ. قالَ تعالى: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا }. [النساء: 36].
ولشدةِ اهتمامِ الإسلامِ بالجارِ ظنَّ الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلم أنَّ الجارَ سيرثُ جارَهُ، فعَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَهْلِي أُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا أَنَا بِهِ قَائِمٌ، وَإِذَا رَجُلٌ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُمَا حَاجَةً، فَجَلَسْتُ، فَوَ اللَّهِ لَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَعَلْتُ أَرْثِي لَهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ قَامَ بِكَ هَذَا الرَّجُلُ، حَتَّى جَعَلْتُ أَرْثِي لَكَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، قَالَ: «أَتَدْرِي مَنْ هَذَا؟» ، قُلْتُ: لَا، قَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ سَلَّمْتَ عَلَيْهِ لَرَدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ» .( أحمد بسند صحيح).
وقد طبقَ الصحابةُ – رضي اللهُ عنهم – هذه الوصيةَ عمليًّا على أرضِ الواقعِ، فقد روي أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ فِي أَهْلِهِ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا اليَهُودِيِّ؟ أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا اليَهُودِيِّ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ.( الترمذي وحسنه).
بل إنَّ الإسلامَ جعلَ الإحسانَ إلى الجيرانِ مِن كمالِ الإيمانِ. وجاءتْ الوصيةُ في الصحيحين بالصيغِ الثلاث: الإحسانِ، والإكرامِ، وعدمِ الإيذاءِ. فقال صلَّى اللهُ عليه وسلم : «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ ». وفي روايةٍ ثانيةٍ:” مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ». وفي روايةٍ ثالثةٍ: « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ». وفي المقابلِ نفَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم الإيمانَ عن كلِّ مَن يُؤذِي جارَهُ، فعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ» قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ».( البخاري). بوائقَهُ: شرَّهُ. وعَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ “.( مسلم).
ولنضربْ مثالًا عمليًّا على هذه المحبةِ بينَ الجيرانِ. فقد روى: ” أنَّ بعضَهُم شكَا كثرةَ الفئرانِ في دارهِ، فقيلَ له: لو اقتنيتَ هرًّا، أي: قطةً؛ حتى يهربَ الفأرُ مِن دارِك، فقال: أخشَى أنْ يسمعَ الفأرُ صوتَ الهرِّ، فيهربَ إلى الجيرانِ، فأكونَ قد أحببتُ لهم ما لا أحبُّ لنفسِي”. ( إحياء علوم الدين).
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيًا: حقوقُ الجارِ
للجارِ على جارهِ حقوقٌ كثيرةٌ، مِن أهمِّ هذه الحقوقِ: أنْ يُسَلِّمَ عليهِ إذا رآهُ، وأنْ يعودَهُ إذا مرِضَ، وأنْ يُشيعَ جنازتَهُ إنْ ماتَ، وأنْ يواسيَهُ في المصيبةِ، ويهنِّئَهُ في الفرحِ، وأنْ يسترَ ما ينكشفُ مِن عورتهِ، ويغضَّ البصرَ عن محارمهِ وأهلِ بيتهِ، وأنْ لا يحسدَهُ على ما آتاهُ اللهُ مِن فضلهِ، وأنْ يردَّ غيبتَهُ، وإنْ استعانَ بهِ أعانَهُ.
وقد لخصَ الإمامُ أبو حامدٍ الغزالي -رحمه اللهُ- حقوقَ الجارِ على جارهِ فقال:” وجملةُ حقِّ الجارِ: أنْ يبدَأَهُ بالسلامِ، ولا يطيلَ معه الكلامَ، وَيَعُودَهُ فِي الْمَرَضِ، وَيُعَزِّيَهُ فِي الْمُصِيبَةِ وَيَقُومَ مَعَهُ فِي الْعَزَاءِ، وَيُهَنِّئَهُ فِي الْفَرَحِ وَيُظْهِرَ الشَّرِكَةَ فِي السرورِ معهُ، ويصفحَ عن زلاتهِ، ولا يتطلعُ مِنَ السَّطْحِ إِلَى عَوْرَاتِهِ، وَلَا يُضَايِقُهُ فِي وضعِ الجذعِ على جدارهِ، ولا في مصبِّ الماءِ في ميزابهِ، ولا في مطرحِ الترابِ في فنائهِ، ولا يضيقُ طرقَهُ إِلَى الدَّارِ، وَلَا يُتْبِعُهُ النَّظَرَ فِيمَا يَحْمِلُهُ إِلَى دَارِهِ، وَيَسْتُرُ مَا يَنْكَشِفُ لَهُ مِنْ عَوْرَاتِهِ، وَيُنْعِشُهُ مِنْ صَرْعَتِهِ إِذَا نَابَتْهُ نَائِبَةٌ، وَلَا يَغْفُلُ عَنْ مُلَاحَظَةِ دَارِهِ عِنْدَ غَيْبَتِهِ، وَيَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ حُرْمَتِهِ، وَلَا يُدِيمُ النَّظَرَ إِلَى خَادِمَتِهِ، وَيَتَلَطَّفُ بولده فِي كَلِمَتِهِ، وَيُرْشِدُهُ إِلَى مَا يَجْهَلُهُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ”.( إحياء علوم الدين).
ولقد طبقَ هذه المعانِي والحقوقَ سلفُنَا الصالحُ رضي اللهُ عنهم، وضربُوا لنَا أروعَ الأمثلةِ في الإحسانِ إلى الجارِ وتحملِ أذاه، فيُروى أنَّ مالكَ بنَ دينارٍ – رحمَهُ اللهُ تعالى – كان له جارٌ يهوديٌّ، فحولَ اليهوديُّ مستحمَّهُ إلى جدارِ البيتِ الذي فيه مالك، وكان الجدارُ متهدِّمًا، فكانتْ تدخلُ منه النجاسةُ، ومالكٌ ينظفُ البيتَ كلَّ يومٍ ولم يقلْ شيئًا، وأقامَ على ذلك مدةً وهو صابرٌ على الأذَى، فضاقَ صدرُ اليهوديِّ مِن كثرةِ صبرهِ على هذه المشقةِ، فقال له: يا مالكٌ، آذيتُكَ كثيرًا وأنت صابرٌ، ولم تخبرنِي، فقال مالكٌ: قال رسولٌ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم -: ” ما زالَ جبريلُ يوصينِي بالجارِ، حتى ظننتُ أنَّه سيورِّثهُ”.( البخاري)، فندِم اليهوديُّ وأسلمَ.
وحدَثتْ قصةٌ مشابهةٌ لهذه القصةِ أيضًا مع سهلِ بنِ عبدِاللهِ التسترِي – رحمه اللهُ – فقد كان له جارٌ مجوسيٌّ، وكان في نفسِ البيتِ في الطابقِ الأعلَى، فانفتَحتْ فتحةٌ في كنيفِ المجوسي، فكان يقعُ منها الأذَى في دارِ سهلٍ، فكان يضعُ كلَّ يومٍ الجفنةَ تحتَ الفتحةِ، فينزلُ فيها الأذى، ثم يأخذُ ذلك بالليلِ ثم يَطرحُهُ بعيدًا، فمكثَ – رحمه اللهُ – على هذا الحالِ زمانًا طويلًا إلى أنْ أتى سهلًا المرَضُ، فاستدعَى سهلٌ جارَهُ المجوسي، وقال له: اُدخلْ ذلك البيتَ وانظرْ ما فيه فرأى الفتحةَ والقذرَ، فقال: ما هذا؟ قال سهلٌ: هذا منذُ زمنٍ طويلٍ يسقطُ مِن دارِك، وأنا أتلقَّاهُ بالنهارِ وأُلقيهُ بالليلِ، ولولا أنَّه حضَرنِي أجلِي ما أخبرتُك، وأنا أخافُ أنْ لا تتَّسعَ أخلاقُ غيرِي لذلك، فافعلْ ما ترى، فقال المجوسيُّ: أيُّها الشيخُ، أنت تعاملُنِي بهذه المعاملةِ منذُ زمنٍ طويلٍ، وأنا مقيمٌ على كُفرِي، أيُّها الشيخُ، مُدَّ يدَك، فأنَا أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، ثم ماتَ سهلٌ – رحمةُ اللهِ عليه.
فينبغي عليك أنْ تحسنَ إلى جارِكَ وتصبرَ على أذاه، يقولُ الحسنُ البصريُّ: ” ليس حُسنُ الجوارِ كفَّ الأذَى عن الجارِ، ولكنْ حسنُ الجوارِ: الصبرُ على الأذَى مِن الجارِ”. ويقولُ الإمامُ أبو حامدٍ الغزَّالِي – رحمه اللهُ – في الإحياء: “اعلمْ أنَّه ليس حقُّ الجوارِ كفَّ الأذى فقط، بل احتمال الأذَى، فإنَّ الجارَ أيضًا قد كفَّ أذاهُ، فليس في ذلك قضاءُ حقهِ، ولا يكفِي احتمالُ الأذى، بل لا بدَّ مِن الرِّفق، وإسداءِ الخيرِ والمعروفِ”.أ.ه
ويروى أنَّ رجلًا جاءَ إلى عبدِاللهِ بنِ مسعودٍ – رضي اللهّ عنه – فقال له: إنَّ لي جارًا يُؤذينِي ويشتمنِي، ويُضيِّقّ عليَّ، فقال: اذهبْ، فإنْ هو عصَى اللهَ فيك، فأطعْ اللهَ فيه”. وقد علَّمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم الصحابةَ الصبرَ على أذَى الجارِ عمليًّا، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَكَا إِلَيْهِ جَارًا لَهُ، فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: «اصْبِرْ» ثُمَّ، قَالَ لَهُ فِي الرَّابِعَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ: «اطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ» فَفَعَلَ، قَالَ: فَجَعَلَ النَّاسُ يَمُرُّونَ بِهِ وَيَقُولُونَ: مَا لَكَ؟ فَيَقُولُ: آذَاهُ جَارُهُ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: لَعَنَهُ اللَّهُ. فَجَاءَهُ جَارُهُ، فقَالَ: رُدَّ مَتَاعَكَ، لَا وَاللَّهِ لَا أُوذِيكَ أَبَدًا.(ابن حبان بسند صحيح).
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا: الإحسانُ إلى الجارِ طريقٌ إلى الجنةِ
إنَّ الإحسانَ إلى الجارِ والصبرَ على أذاه طريقٌ إلى الجنةِ، كما أنَّ أذَى الجارِ والإساءةَ إليهِ طريقٌ إلى النارِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: ” هِيَ فِي النَّارِ ”، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ:” هِيَ فِي الْجَنَّةِ”. (ابن حبان والحاكم وصححه).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ».(مسلم).
فمن أرادَ أنْ يدخلَ الجنةَ، فليحسنْ إلى جارهٍ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُ بِهِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ. قَالَ: «كُنَّ مُحْسِنًا» قَالَ: كَيْفَ أَعْلَمُ أَنِّي مُحْسِنٌ؟ قَالَ: ” سَلْ جِيرَانَكَ، فَإِنْ قَالُوا: إِنَّكَ مُحْسِنٌ فَأَنْتَ مُحْسِنٌ، وَإِنَّ قَالُوا: إِنَّكَ مُسِيءٌ فَأَنْتَ مُسِيءٌ”.( البيهقي والحاكم وصححه).
وعَنْ كُلْثُومٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ أَنِّي قَدْ أَحْسَنْتُ، وَإِذَا أَسَأْتُ أَنِّي قَدْ أَسَأْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِذَا قَالَ جِيرَانُكَ: قَدْ أَحْسَنْتَ، فَقَدْ أَحْسَنْتَ، وَإِذَا قَالُوا: إِنَّكَ قَدْ أَسَأْتَ، فَقَدْ أَسَأْتَ “( احمد وابنا ماجة بسند صحيح).
ويقول أيضًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ»، قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ؟، قَالَ: «يُفْتَحُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ جِيرَانُهُ».( ابن حبان والحاكم بسند صحيح).
ألا فليحسنْ كلٌّ منَّا إلى جيرانهِ؛ حتى يَشهدُوا له بالخيرِ عندَ موتهِ، فيغفرُ اللهُ له ذنبَهُ؛ فعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَهْلِ أَبْيَاتِ جِيرَانِهِ الْأَدْنَيْنَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مِنْهُ إِلَّا خَيْرًا، إِلَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَبَارَكَ: قَدْ قَبِلْتُ شَهَادَتَكُمْ وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لَا تَعْلَمُونَ”.( أحمد والحاكم وصححه).
فالجارُ الصالحُ سبيلٌ إلى السعادةِ في الدنيا والآخرةِ، وفي ذلك يقولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ، وَأَرْبَعٌ مِنَ الشَّقَاوَةِ: الْجَارُ السُّوءُ، وَالْمَرْأَةُ السُّوءُ، وَالْمَسْكَنُ الضِّيقُ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ». ( احمد وابن حبان بسند صحيح).
ويُروى أنَّه كان محمدٌ بنُ الجهمِ جارًا لسعيدِ بنِ العاص عاشَ سنواتٍ ينعمُ بجوارِهِ فلمَّا عرضَ محمدٌ بنُ الجهمِ دارَهُ للبيعِ بخمسينَ ألف درهمٍ، وحضرَ الشهودُ ليشهدُوا، قال: بكم تشترونَ منِّي جوارَ سعيدِ بنِ العاص؟ قالوا: إنَّ الجوارَ لا يباعّ، وما جئنَا إلّا لنشتري الدارَ. فقال: وكيف لا يباعُ جوارُ مَن إذا سألتَهُ أعطاكَ، وإنْ سكتَّ عنه بادرَكَ بالسؤالِ، وإنْ أسأتَ إليه أحسنَ إليك؟ فبلغَ ذلك الكلامُ جارَهُ سعيدَ بن العاص، فبعثَ إليهِ بمائةِ ألفِ درهمٍ وقال له: أمسكْ عليك دارَكَ .
فينبغي عليك أخي المسلم أنْ تختارَ جيرانَكَ وتحسنَ إليهم، ليكونُوا عونًا لك على كلِّ خيرٍ، ويأخذُوا بيديكَ إلى الجنةِ، وكما قيل: الجارُ قبلَ الدارِ.
نسألُ اللهَ كما حسَّنَ خلْقَنَا أنْ يُحسَّن أخلاقَنَا،،،
الدعاء…….. وأقم الصلاة،،،،
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف